الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الفصل في الملل والنحل **
قال أبو محمد: ذهبت طوائف من الخوارج وطوائف من العتزلة وطوائف من المرجئة منهم محمد بن الطيب الباقلاني ومن اتبعه وجميع الرافضة من الشيعة إلى أنه لا يجوز إمامة من يوجد في الناس أفضل منه وذهبت طائفة من الخوارج وطائفة من المعتزلة وطائفة من المرجئة وجميع الزيدية من الشيعة وجميع أهل السنة إلى أن الإمامة جائزة لمن غيره أفضل منه. قال أبو محمد: وأما الرافضة ف قال وا إن الإمام واحد معروف بعينه في العالم على ما ذكرنا من أقوالهم الذي قد تقدم إفسادنا لها والحمد لله رب العالمين وما نعلم لمن قال أن الإمامة لا تجوز إلا لأفضل من يوجد حجة أصلاً لا من قرآن ولا من سنة ولا من إجماع ولا من صحة عقل ولا من قياس ولا قول صاحب وما كان هكذا فهو أحق قول بالاطراح وقد قال أبو بكر رضي الله عنه يوم السقيفة قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين يعني أبا عبيدة وعمر وأبو بكر أفضل منهما بلا شك فما قال أحد من المسلمين أنه قال من ذلك بما لا يحل في الدين ودعت الأنصار إلى بيعة سعد بن عبادة وفي المسلمين عدد كثير كلهم أفضل منه بلا شك فصح بما ذكرنا إجماع جميع الصحابة رضي الله عنهم على جواز إمامة المفضول ثم عهدهم عمر رضي الله عنه إلى ستة رجال ولا بد أن لبعضهم على بعض فضلاً وقد أجمع أهل الإسلام حينئذ على أنه إن بويع أحدهم فهو الإمام الواجبة طاعته وفي هذا إطباق منهم على جواز إمامة المفضول ثم مات علي رضي الله عنه فبويع الحسن ثم سلم الأمر إلى معاوية وفي بقايا الصحابة من هو أفضل منهما بلا خلاف ممن أنفق قبل الفتح وقاتل فكلهم أولهم عن آخرهم بايع معاوية ورأى إمامته وهذا إجماع متيقن بعد إجماع على جواز إمامة من غيره أفضل بيقين لا شك فيه إلى أن حدث من لا وزن له عند الله تعالى فخرقوا الإجماع بآرائهم الفاسدة بلا دليل ونعوذ بالله من الخذلان. قال أبو محمد: والعجب كله كيف يجتمع قول الباقلاني أنه لا تجوز الإمامة لمن غيره من الناس أفضل منه وهو قد جوز النبوة والرسالة لمن غيره من الناس أفضل منه فإنه صرح فيما ذكره عنه صاحبه أبو جعفر السمناني الأعمى قاضي الموصل بأنه جائز أن يكون في الأمة من هو أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم من حين بعث إلى أن مات. قال أبو محمد: ما في خذلان الله عز وجل أحق من هاتين القضيتين لا سيما إذا اقترنتا والحمد لله على الإسلام فإن قال قائل كيف تحتجون هنا بقول الأنصار رضي الله عنهم في دعائهم إلى سعد بن عبادة وهو عندكم خطأ وخلاف للنص من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف تحتجون في هذا أيضاً بقول أبي بكر رضيت لكم أحد هذين وخلافة أبي بكر عندكم نص من رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن أين له أن يترك ما نص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا وبالله تعالى التوفيق إن فعل الأنصار رضي الله عنهم انتظم حكمين أحدهما تقديم من ليس قرشياً وهذا خطأ وقد خالفهم فيه المهاجرون فسقطت هذه القضية والثاني جواز تقديم من غيره أفضل منه وهذا صواب وافقهم عليه أبو بكر وغيره فصار إجماعاً فقامت به الحجة وليس خطأ من أخطأ في قول وخالفه فيه من أصاب الحق بموجب أن لا يحتج بصوابه الذي وافقه فيه أهل الحق وهذا ما لا خلاف فيه وبالله تعالى التوفيق وأما أمر أبي بكر فإن الحق كله له بالنص وللمرء أن يترك حقه إذا رأى في تركه إصلاح ذات بين المسلمين ولا فرق بين عطية أعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين منزلة صبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان فكان له أن يتجافى عنها لغيره إذ لم يمنعه من ذلك نص ولا إجماع وبالله تعالى التوفيق. قال أبو محمد: وبرهان صحة قول من قال بأن الإمامة جائزة لمن غيره أفضل منه وبطلان قول من خالف ذلك أنه لا سبيل إلى أن يعرف الأفضل إلا بنص أو إجماع أو معجزة تظهر فالمعجزة ممتنعة هاهنا بلا خلاف وكذلك الإجماع وكذلك النص وبرهان آخر وهو أن الذي كلفوا به من معرفة الأفضل ممتنع محال لأن قريشاً مفترقون في البلاد من أقصى السند إلى أقصى الأندلس إلى أقصى اليمن وصحاري البربر إلى أقصى أرمينية وأذربيجان وخراسان فما بين ذلك من البلاد فمعرفة أسمائهم ممتنع فكيف معرفة أحوالهم فكيف معرفة أفضلهم وبرهان آخر وهو أنا بالحس والمشاهدة ندري أنه لا يدري أحد فضل إنسان على غيره ممن بعد الصحابة رضي الله عنهم إلا بالظن والحكم بالظن لا يحل قال الله تعالى ذاماً لقوم " قال أبو محمد: وذكر الباقلاني في شروط الإمامة أنها أحد عشر شرطاً وهذا أيضاً دعوى بلا برهان وما كان هكذا فهو باطل فوجب أن ينظر في شروط الإمامة التي لا تجوز الإمامة لغير من هن فيه فوجدناها أن يكون صليبة من قريش لإخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الإمامة فيهم وأن يكون بالغاً مميزاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاثة فذكر الصبي حتى يحتلم والمجنون حتى يفيق وأن يكون رجلاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة وأن يكون مسلماً لأن الله تعالى يقول " قال أبو محمد: ولا يضر الإمام أن يكون في خلقه عيب كالأعمى والأصم والأجدع والأجذم والأحدب والذي لا يدان له ولا رجلان ومن بلغ الهرم ما دام يعقل ولو أنه ابن مائة عام ومن يعرض له الصرع ثم يفيق ومن بويع أثر بلوغه الحلم وهو مستوف لشروط الإمامة فكل هؤلاء إمامتهم جائزة إذ لم يمنع منها نص قرآن ولا سنة ولا إجماع ولا نظر ولا دليل أصلاً بل قال تعالى "
بماذا تصح قال أبو محمد: ذهب قوم إلى أن الإمامة لا تصح إلا بإجماع فضلاء الأمة في أقطار البلاد وذهب آخرون إلى أن الإمامة إنما تصح بعقد أهل حضرة الإمام والموضع الذي فيه قرار الأئمة وذهب أبو علي بن عبد الوهاب الجبائي إلى أن الإمامة لا تصح بأقل من عقد خمس رجال ولم يختلفوا في أن عقد الإمامة تصح بعهد من الإمام الميت إذا قصد فيه حسن الاختيار للأمة عند موته ولم يقصد بذلك هوي وقد ذكر في فساد قول الروافض وقول الكيسانية ومن ادعى إمامة رجل بعينه وأنبأ أن كل ذلك دعاو لا يعجز عنها ذو لسان إذا لم يتق الله ولا استحياء من قال أبو محمد: أما من قال أن الإمامة لا تصح إلا بعقد فضلاء الأمة في أقطار البلاد فباطل لأنه تكليف ما لا يطاق وما ليس في الوسع وما هو أعظم الحرج والله تعالى لا يكلف نفساً و قال تعالى " قال أبو محمد: ولا حرج ولا تعجيز أكثر من تعرف إجماع فضلاء من في المولتان والمنصورة إلى بلاد مهرة إلى عدن إلى أقاصي المصامدة إلى طنجة إلى الأشبونة إلى جزائر البحر إلى سواحل الشام إلى أرمينية وجبل القبج إلى اسبنجاب وفرغانة واسروسنه إلى أقاصي خراسان إلى الجوزجان إلى كابل المولتان فما بين ذلك من المدن والقرى ولا بد من ضياع أمور المسلمين قبل أن يجمع جزء من مائة جزء من فضلاء أهل هذه البلاد فبطل هذا القول الفاسد مع أنه لو كان ممكناً لما لزم لأنه دعوى بلا برهان وإنما قال تعالى " قال أو محمد: وهو قول فاسد لا حجة لأهله وكل قول في الدين عرى عن ذلك من القرآن أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من إجماع الأمة المتيقن فهو باطل بيقين قال الله تعالى " قال أبو محمد: وهذا ليس شيء لوجوه أولها أن عمر لم يقل أن تقليد الاختيار أقل من خمسة لا يجوز بل قد جاء عنه أنه قال إن مال ثلاثة منهم إلى واحد وثلاثة إلى واحد فاتبعوا الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن ابن عوف فقد أجاز عقد ثلاثة ووجه ثان وهو أن فعل عمر رضي الله عنه لا يلزم الأمة حتى يوافق نص قرآن أو سنة وعمر كسائر الصحابة رضي الله عنهم لا يجوز أن يخصه بوجوب اتباعه دون غيره من الصحابة رضي الله عنهم والثالث أن أولئك الخمسة رضي الله عنهم قد تبرؤا من الاختيار وجعلوه إلى واحد منهم يختار لهم وللمسلمين من رآه أهلاً للإمامة وهو عبد الرحمن بن عوف وما أنكر ذلك أحد من الصحابة الحاضرين ولا الغائبين إذ بلغهم ذلك فقد صح إجماعهم على أن الإمامة تنعقد بواحد فإن قال قائل إنما جاز ذلك لأن خمسة من فضلاء المسلمين قلدوه قيل له إن كل هذا عندك اعتراضاً فالتزم مثله سواء سواء ممن قال لك إنما صح عقد أولئك الخمسة لأن الإمام الميت قلدهم ذلك ولولا ذلك لم يجز عقدهم وبرهان ذلك أنه إنما عقد لهم الاختيار منهم لا من غيرهم فلو اختاروا من غيرهم لما لزم الانقياد لهم فلا يجوز عقد خمسة أو أكثر إلا إذا قلدهم الإمام ذلك أو ممن قال لك إنما صح عقد أولئك الخمسة لإجماع فضلاء أهل ذلك العصر على الرضا بمن اختاروه ولو لم يجمعوا على الرضا به لما جاز عقدهم وهذا مما لا مخلص منه أصلاً فبطل هذا القول بيقين لا إشكال فيه والحمد لله رب العالمين فإذ قد بطلت هذه الأقوال كلها فالواجب النظر في ذلك على ما أوجبه الله تعالى في القرآن والسنة وإجماع المسلمين كما افترض علينا عز وجل إذ يقول " قال أبو محمد: إنما أنكر من أنكر من الصحابة رضي الله عنهم ومن التابعين بيعة يزيد بن معاوية والوليد وسليمان لأنهم كانوا غير مرضيين لا لأن الإمام عهد إليهم في حياته والوجه الثاني إن مات الإمام ولم يعهد إلى أحد أن يبادر رجل مستحق للإمامة فيدعوا لي نفسه ولا منازع له ففرض أتباعه والانقياد لبيعته والتزام إمامته وطاعته كما فعل علي إذ قتل عثمان رضي الله عنهما وكما فعل ابن الزبير رضي الله عنهما وقد فعل ذلك خالد بن الوليد إذ قتل الأمراء زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة فأخذ خالد الراية عن غير أمره وصوب ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بلغه فعله وساعد خالداً جميع المسلمين رضي الله عنهم أو أن يقوم كذلك عند ظهور منكر يراه فتلزم معاونته على البر والتقوى ولا يجوز التأخر عنه لأن لك معاونة على الإثم والعدوان وقد قال عز وجل " قال أبو محمد: فإن مات الإمام ولم يعهد إلى إنسان بعينه فوثب رجل يصلح للإمامة فبايعه واحد فأكثر ثم قام آخر ينازعه ولو بطرفة عين بعده فالحق حق الأول وسواء كان الثاني أفضل منه أو مثله أو دونه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فوابيعة الأول فالأول من جاء ينازعه فاضربوا عنقه كائناً من كان فلو قام اثنان فصاعداً معاً في وقت واحد ويئس من معرفة أيهما سبقت بيعته نظر أفضلهما وأسوسهما فالحق له ووجب نزع الآخر لقول الله تعالى "
قال أبو محمد: اتفقت الأمة كلها على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا خلاف من أحد منهم لقول الله تعالى " قال أبو محمد: وهذا الذي لا يظن بأولئك الصحابة رضي الله عنهم غيره وذهبت طوائف من أهل السنة وجميع المعتزلة وجميع الخوارج والزيدية إلى أن سل السيوف في الأمر المعروف والنهي عن المنكر واجب إذا لم يكن دفع المنكر إلا بذلك قال وا فإذا كان أهل الحق في عصابة يمكنهم الدفع ولا ييئسون من الظفر ففرض عليهم ذلك وإن كانوا في عدد لا يرجون لقلتهم وضعفهم بظفر كانوا في سعة من ترك التغيير باليد وهذا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكل من معه من الصحابة وقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وطلحة والزبير وكل من كان معهم من الصحابة وقول معاوية وعمرو والنعمان بن بشير وغيرهم ممن معهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وهو قول عبد الله بن الزبير ومحمد والحسن بن علي وبقية الصحابة من المهاجرين والأنصار القائمين يوم الحرة رضي الله عن جميعهم أجمعين وقول كل من أقام على الفاسق الحجاج ومن والاه من الصحابة رضي الله عن جميعهم كأنس بن مالك وكل من كان ممن ذكرنا من أفاضل التابعين كعبد الرحمن ابن أبي ليلى وسعيد بن جبير وابن البحتري الطائي وعطاء السلمي الأزدي والحسن البصري ومالك بن دينار ومسلم بن بشار وأبي الحوراء والشعبي وعبد الله بن غالب وعقبة بن عبد الغافر بن صهبان وماهان والمطرف بن المغيرة ابن شعبة وأبي المعدو حنظلة بن عبد الله وأبي سح الهنائي وطلق بن حبيب والمطرف بن عبد الله ابن السخير والنصر بن أنس وعطاء بن السائب وإبراهيم بن يزيد التيمي وأبي الحوسا وجبلة بن زحر وغيرهم ثم من بعد هؤلاء من تابعي التابعين ومن بعدهم كعبد الله بن عبد العزيز ابن عبد الله بن عمر وكعبد الله بن عمر ومحمد بن عجلان ومن خرج مع محمد بن عبد الله بن الحسن وهاشم بن بشر ومطر الوراق ومن خرج مع إبراهيم بن عبد الله وهو الذي تدل عليه أقوال الفقهاء كأبي حنيفة والحسن بن حي وشريك ومالك والشافعي وداود وأصحابهم فإن كل من ذكرنا من قديم وحديث إما ناطق بذلك في فتواه وإما فاعل لذلك بسل سيفه في إنكار ما رأوه قال أبو محمد: احتجت الطائفة المذكورة أولاً بأحاديث فيها انقاتلهم يا رسول الله قال لا ما صلوا وفي بعضها إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان وفي بعضها وجوب الضرب وإن ضرب ظهر أحدنا وأخذ ماله وفي بعضها فإن خشيت أن يبهرك شعاع السيف فاطرح ثوبك على وجهك وقل إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وفي بعضها كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل وبقوله تعالى " قال أبو محمد: كل هذا لا حجة لهم فيه لما قد تقصيناه غاية التقصي خبراً خبراً بأسانيدها ومعانيها في كتابنا الموسوم بالاتصال إلى فهم معرفة الخصال ونذكر منه إن شاء الله هاهنا جملاً كافية وبالله تعالى نتأيد أما أمره صلى الله عليه وسلم بالصبر على أخذ المال وضرب الظهر فإنما ذلك بلا شك إذا تولى الإمام ذلك بحق وهذا ما لا شك فيه أنه فرض علينا الصبر له وإن امتنع من ذلك بل من ضرب رقبته إن وجب عليه فهو فاسق عاص لله تعالى وإما أن كان ذلك بباطل فمعاذ الله أن يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبر على ذلك برهان هذا قول الله عز وجل " قال أبو محمد: وما اعترضوا به من فعل عثمان فما علم قط أنه يقتل وإنما كان يراهم يحاصرونه فقط وهم لا يرون هذا اليوم للإمام العدل بل يرون القتال معه ودونه فرضاً فلا حجة لهم في أمر عثمان رضي الله عنه و قال بعضهم إن في القيام إباحة الحريم وسفك الدماء وأخذ الأموال وهتك الأستار وانتشار الأمر ف قال لهم الآخرون كلا لأنه لا يحل لمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر أن يهتك حريماً ولا أن يأخذ مالاً بغير حق ولا أن يتعرض من لا يقاتله فإن فعل شيئاً من هذا فهو الذي فعل ما ينبغي أن يغير عليه وأما قتله أهل المنكر قلوا أو كثروا فهذا فرض عليه وأما قتل أهل المنكر الناس وأخذهم أموالهم وهتكهم حريمهم فهذا كله من المنكر الذي يلزم الناس تغييره وأيضاً فلو كان خوف ما ذكروا مانعاً من تغيير المنكر ومن الأمر بالمعروف لكان هذا بعينه مانعاً من جهاد أهل الحرب وهذا ما لا يقوله مسلم وإن ادعى ذلك إلى سبي النصارى نساء المسلمين وأولادهم وأخذ أموالهم وسفك دمائهم وهتك حريمهم ولا خلاف بين المسلمين في أن الجهاد واجب مع وجود هذا كله ولا فرق بين الأمرين وكل ذلك جهاد ودعاء إلى القرآن والسنة. قال أبو محمد: وي قال لهم ما تقولون في سلطان جعل اليهود أصحاب أمره والنصارى جنده وألزم المسلمين الجزية وحمل السيف على أطفال المسلمين وأباح المسلمات للزنا أو حمل السيف على كل من وجد من المسلمين وملك نساءهم وأطفالهم وأعلن العبث بهم وهو في كل ذلك مقر بالإسلام معلن به لا يدع الصلاة فإن قال وا لا يجوز القيام عليه قيل لهم أنه لا يدع مسلماً إلا قتله جملة وهذا أن ترك أوجب ضرورة ألا يبقى إلا هو وحده وأهل الكفر معه فإن أجازوا الصبر على هذا خالفوا الإسلام جملة وانسلخوا منه وإن قال وا بل يقام عليه ويقاتل وهو قولهم قلنا لهم فإن قتل تسعة أعشار المسلمين أو جميعهم إلا واحداً وسبي من نسائهم كذلك وأخذ من أموالهم كذلك فإن منعوا من القيام عليه تناقضوا وإن أوجبوا سألناهم عن أقل من ذلك ولا نزال نحطهم إلى أن نقف بهم على قتل مسلم واحد أو على امرأة واحدة أو على أخذ مال أو على انتهاك بشرة بظلم فإن فرقوا بين شيء من ذلك تناقضوا وتحكموا بلا دليل وهذا ما لا يجوز وإن أوجبوا إنكار كل ذلك رجعوا إلى الحق ونسألهم عمن غصب سلطانه الجائر الفاجر زوجته وابنته وابنه ليفسق بهم أو ليفسق به بنفسه أهو في سعة من إسلام نفسه وامرأته وولده وابنته للفاحشة أم فرض عليه أن يدفع من أراد ذلك منهم فإن قال وا فرض عليه إسلام نفسه وأهله أتوا بعظيمة لا يقولها مسلم وإن قال وا بل فرض عليه أن يمتنع من ذلك ويقاتل رجعوا إلى الحق ولزم ذلك كل مسلم في كل مسلم وفي المال كذلك. قال أبو محمد: والواجب أن وقع شيء من الجور وإن قل أن يكلم الإمام في ذلك ويمنع منه فإن امتنع وراجع الحق وأذعن للقود من البشرة أو من الأعضاء ولإقامة حد الزنا والقذف والخمر عليه فلا سبيل إلى خلعه وهو إمام كما كان لا يحل خلعه فإن امتنع من إنفاذ شيء من هذه الواجبات عليه ولم يراجع وجب خلعه وإقامة غيره ممن يقوم بالحق لقوله تعالى "
|