الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: العمدة في الفقه
.باب القسمة: وهي نوعان:الأول: قسمة إجبار وهي ما يمكن قسمته من غير ضرر ولا رد عوض إذا طلب أحد الشريكين قسمة فأبى الآخر أجبره الحاكم عليه إذا ثبت عنده ملكهما ببينة فإن أقر به لم يجبر الممتنع عليه وإن طلباها في هذه الحال قسمت بينهما وأثبت في القضية أن قسمة كان عن إقرار لا عن بينة.والثاني: قسمة التراضي وهي قسمة ما فيه ضرر بأن لا ينتفع أحدهما بنصيبه فيما هو له أو لا يمكن تعديله إلا برد عوض من أحدهما فلا إجبار فيها.والقسمة إفراز حق لا يستحق بها شفعة ولا يثبت فيها خيار وتجوز في المكيل وزنا في الموزون كيلا وفي الثمار خرصا وتجوز قسمة الوقف إذا لم يكن فيها رد عوض فإن كان بعضه طلقا وبعضه وقفا وفيها عوض من صاحب الطلق لم يجز وإن كان من رب الوقف جاز.وإذا عدلت الأجزاء أقرع عليها فمن خرج سهمه على شيء صار له ولزم بذلك.ويجب أن يكون قاسم الحاكم عدلا وكذلك كاتبه..كتاب الشهادات: تحمل الشهادة وأداؤها فرض كفاية إذا لم يوجد من يقوم بها سوى اثنين لزمهما القيام بها على القريب والبعيد إذا أمكنهما ذلك من غير ضرر لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ} الآية [النساء: 135].والمشهود عليه أربعة أقسام:أحدها: الزنا وما يوجب حده فلا يثبت إلا بأربعة رجال أحرار عدول.الثاني: المال وما يقصد به المال فيثبت بشاهدين أو رجل وامرأتين وبرجل مع يمين الطالب.الثالث: ما عدا هذين مما يطلع عليه الرجال في غالب الأحوال فلا يثبت إلا بشهادة رجلين.الرابع: ما لا يطلع عليه الرجال كالولادة والحيض والعدة والعيوب تحت الثياب فيثبت بشهادة امرأة عدل لأن عقبة بن الحارث قال تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب فجاءت أمة سوداء فقالت قد أرضعتكما فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «كيف وقد زعمت ذلك»وتقبل شهادة العبد في كل شيء إلا الحدود والقصاص وتقبل شهادة الأمة فيما تقبل فيه شهادة النساء للخبر وشهادة الفاعل على فحله كالمرضعة على الرضاع والقاسم على القسمة وشهادة الأخ لأخيه والصديق لصديقه وشهادة الأصم على المرئيات وشهادة الأعمى إذا تيقن الصوت وشهادة المستخفي.ومن سمع إنسانا يقر بحق وإن لم يقل للشاهد أشهد علي وما تظاهرت به الأخبار واستقرت معرفته في قلبه جاز أن يشهد به كالشهادة على النسب والولادة ولا يجوز ذلك في حد ولا قصاص.وتقبل شهادة القاذف وغيره بعد توبته..باب من ترد شهادته: لا تقبل شهادة صبي ولا زائل العقل ولا أخرس ولا كافر ولا فاسق ولا مجهول الحال ولا جار إلى نفسه نفعا ولا دافع عنها شرا ولا شهادة والد وإن علا لولده ولا ولد لوالده ولا سيد لعبيده ولا مكاتبه ولا شهادتهما له ولا أحد الزوجين لصاحبه ولا شهادة الوصي فيما هو وصي فيه ولا الوكيل فيما هو وكيل فيه ولا الشريك فيما هو شريك فيه ولا العدو على عدوه ولا معروف بكثرة الغلط والغفلة ولا من لا مروءة له كالمسخرة وكاشف عورته للناظرين في حمام أو غيره.ومن شهد بشهادة يتهم في بعضها ردت كلها.ولا يسمح في الجرح والتعديل والترجمة ونحوها إلا شهادة اثنين وإذا تعارض الجرح والتعديل قدم الجرح.وإن شهد شاهد بألف وآخر بألفين قضى له بألف وحلف مع شاهده على الألف الآخر إن أحب وإن قال أحدهما ألف من قرض وقال الآخر من ثمن مبيع لم تكمل الشهادة.وإذا شهد أربعة بالزنا أو شهد اثنان على فعل سواه واختلفوا في المكان أو الزمان أو الصفة لم تكمل شهادتهم..باب الشهادة على الشهادة والرجوع عنها: تجوز الشهادة على الشهادة فيما يجوز فيه كتاب القاضي إذا تعذرت شهادة الأصل بموت أو غيبة أو مرض ونحوه بشرط أن يستدعيه شاهد الأصل فيقول أشهد على شهادتي إني اشهد أن فلانا أقر عندي أو أشهدني بكذا.ويعتبر معرفة العدالة في شهود الأصل والفرع ومتى لم يحكم بشهادة الفرع حتى حضر شهود الأصل وقف الحكم على سماع شهادتهم وإن حدث من بعضهم ما يمنع قبول الشهادة لم يحكم بها..فصل في تغيير الشهادة: ومتى غير العدل شهادته فزاد فيها أو نقص قبل الحكم قبلت وإن حدث منه ما يمنع قبولها أدائها ردت وإن حدث ذلك بعد الحكم بها لم يؤثر.وإن رجع الشهود بعد الحكم بشهادتهم لم ينقض الحكم ولم يمنع الاستيفاء إلا في الحدود والقصاص وعليهم غرامة ما فات بشهادتهم بمثله إن كان مثليا وقيمته إن لم يكن مثليا ويكون ذلك بينهم على عددهم فإن رجع أحدهم فعليه حصته.وإن كان المشهود به قتلا أو جرحا فقالوا تعمدنا فعليهم القصاص وإن قالوا أخطأنا غرموا الدية وأرش الجرح..باب اليمين في الدعاوي: اليمين المشروعة في الحقوق هي اليمين بالله تعالى سواء كان الحالف مسلما أو كافرا.ويجوز القضاء في الأموال وأسبابها بشاهد ويمين لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين.والأيمان كلها على البت إلا اليمين على نفي فعل غيره فإنها على نفي العلم.وإذا كان للميت أو المفلس حق بشاهد فحلف المفلس أو ورثة الميت ثبت وإن لم يحلف فبذل الغرماء اليمين لم يستحلفوا.وإذا كانت الدعوى لجماعة فعليه لكل واحد يمين وإن قال أنا أحلف يمينا واحدة لجميعهم لم يقبل منه إلا أن يرضوا.وإن ادعى واحد حقوقا على واحد فعليه في كل حق يمين.وتشرع اليمين في كل حق لآدمي ولا تشرع في حقوق الله من الحدود والعبادات..باب الإقرار: وإذا أقر المكلف الحر الرشيد الصحيح المختار بحق أخذ به.ومن أقر بدراهم ثم سكت سكوتا يمكنه الكلام فيه ثم قال زيوفا أو صغارا أو مؤجلة لزمته جيادا وافية حالة وإن وصفها بإقراره لزمته كذلك.وإن استثنى مما أقر به أقل من نصفه متصلا بذلك متصلا به صح استثناؤه وإنفصل بينهما بسكوت يمكنه الكلام أو بكلام أجنبي أو استثني أكثر من نصفه أو من غير جنسه لزمه كله.ومن قال له علي دراهم ثم قال وديعة لم يقبل قوله.ومن أقر بدراهم فأقل ما يلزمه ثلاثا إلا أن يصدقه المقر له في أقل منها.ومن أقر بشيء مجمل قبل تفسيره بما يحتمله..فصل في من يقبل إقراره: ولا يقبل إقرار غير المكلف بشيء إلا المأذون له من الصبيان في التصرف في قدر ما أذن له.وإن أقر السفيه بحد أو قصاص أو طلاق أخذ به وإن أقر بمال لم يقبل إقراره وكذلك الحكم في إقرار العبد إلا أنه يتعلق بذمته يتبع به بعد العتق إلا أن يكون مأذونا له في التجارة فيصح إقراره في قدر ما أذن له فيه.ويصح إقرار المريض بالدين لأجنبي ولا يصح إقراره في مرض الموت لوارث إلا بتصديق سائر الورثة ولو اقر لوارث فصار غير وارث لم يصح وإن أقر له وهو غير وارث ثم صار وارثا صح إقراره ويصح إقراره بوارث.وإذا كان على الميت دين لم يلزم الورثة وفاؤه إلا إن خلف تركة فيتعلق دينه به فإن أحب الورثة وفاء الدين وأخذ التركة فلهم ذلك.وإن أقر جميع الورثة بدين على مورثهم ثبت بإقرارهم وإن أقر به بعضهم ثبت بقدر حقه.فلو خلف ابنين ومائتي درهم فاقر أحدهما بمائة دينار على أبيه لزمه خمسون درهما فإن كان عدلا وشهد بها فللغريم أن يحلف مع شهادته ويأخذ باقيها من أخيه.وإن خلف ابنا ومائة فادعى رجل مائة على أبيه فصدقه ثم ادعى آخر مثل ذلك فصدقه الابن فإن كان في مجلس واحد فالمائة بينهما وإن كانا في مجلسين فهو للأول ولا شيء للثاني وإن كان الأول ادعاها فصدقه الابن ثم ادعاها آخر فصدقه الابن فهي للأول ولا شيء للثاني ويغرمها لأنه فوتها عليه بإقراره.آخر الكتاب، والحمد لله رب العالمين.
|