الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وقد أفرط أبو العلاء في استعمالها قال: ولا بن خفاجة الاندلسي. وكاد هنا مرقصة: وكل هذا من الغلو المقبول لأنه مقترن بالأداة ويزداد حسنه إذا تضمن نوعا حسنا من التخييل كقول المتنبي: ولأبي العلاء في صفة السيف: وقال في وصف الخيل: أما الغلو غير المقبول فهو نوعان نوع يستسيغه الفن كقول المتنبي: وقول أبي نواس: و- التتميم: وقد تحدثنا عنه أيضا ونبينه هنا فنقول التتميم أنواع ثلاثة تتميم النقص وتتميم الاحتياط وتتميم المبالغة فقد قال يتجرعه ولو قال جرعه لما أفاد المعنى الذي أراده لأن جرع الماء لا يشير إلى معنى الكراهية ولكنه عند ما أتي بالتاء على صيغة التفعل أفهم أنه يتكلف شربه تكلفا وانه يعاني من جراء شربه مالا يأتي الوصف عليه من تقزز وكراهية ثم احتاط للأمر لأنه قد يوهم بأنه تكلف شربه ثم هان عليه الأمر بعد ذلك فأتي بالكيدودة أي أنه تكلف شربه وهو لا يكاد يشربه ولو اكتفى بالكيدودة لصح المعنى دون مبالغة ولكن عند ما جاءت يسيغه افهم انه لا يسيغه بل يغص به فيشربه بعد اللتيا والتي جرعة غب جرعة فيطول عذابه تارة بالحرارة وتارة بالعطش.3- التشبيه التمثيلي بقوله: {والذين كفروا أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف} فالمشبه مركب وهو الذين كفروا وأعمالهم الصالحة التي يقومون بها في حياتهم كصلة يرفدون بها المحتاج وصدقة يجبرون بها المكسور وعلم يعم نفعه العباد والمشبه به الرماد وهو ما سحقته النار من الاجرام واشتداد الريح واليوم العاصف ووجه الشبه ان الريح العاصف تطير الرماد وتفرق أجزاءه بحيث لا يبقى له أثر فكذلك كفرهم أبطل أعمالهم وأحبطها بحيث لا يبقى لها أثر.4- المجاز العقلي في اسناد العصف لليوم كقولهم نهاره صائم وليله قائم شبهت صنائعهم الحميدة ومكارمهم المجيدة وما كانوا ينتدبون له من إغاثة الملهوف وعتق الرقاب وفك العاني وافتداء الأسارى وعقر الإبل للأضياف وغير ذلك شبهت هذه الصنائع في حبوطها وذهابها هباء منثورا لبنائها على غير أساس من معرفة اللّه والايمان به برماد طيرته الريح في اليوم الذي أسند اليه العصف.5- وصف الضلال بالبعد تقدم القول فيه قريبا فجدد به عهدا.
وقد أنكرها بعضهم هنا وقال هي للابهام أي انها تعلم اتصافها بالأمرين وقصدت الإبهام على السامع وهذا مردود لأن كون التقى للنفس والفجور عليها أمران مجتمعان في الواقع كما قال تعالى: {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت} ومن ورودها لمطلق الجمع قول جرير: وقول النابغة المشهور في معلقته: وعلى هذا المعنى حمل بعض العلماء أو في قوله تعالى: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون} وفيها أقوال أخرى سترد في مكانها إن شاء اللّه.و- الإضراب كـ:{بل} واشترط سيبويه لاجازة ذلك شرطين تقدم نفي أو نهي وإعادة العامل نحو ما قام زيدا وما قام عمرو واستشهد بقوله تعالى: {ولا تطع منهما آثما أو كفورا} ولم يشترط غير سيبويه هذين الشرطين واستشهدوا بقول جرير: وقيل هي المقصودة بقوله تعالى: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون} فقال الفراء الاخبار الاول بحسب ما يظهر للناس ليندفع الاعتراض بأنه كيف يجوز الاضراب مع كونه عالما بعددهم وأنهم يزيدون فهو إخبار منه تعالى بناء على ما يحزر الناس من غير تحقيق ثم أخذ في التحقيق مضربا عما يغلط فيه الناس بناء على ظاهر الحزر وسيأتي المزيد من هذا البحث القيم عند الكلام على هذه الآية.ز- التقسيم نحو: الكلمة اسم أو فعل أو حرف وسماه بعضهم التفريق نحو قوله تعالى: {وقالوا كونوا هودا أو نصارى} وهو أولى من التعبير بالتقسيم لأن استعمال الواو في التقسيم أجود.ح- أن تكون بمعنى إلا في الاستثناء وهذه ينتصب المضارع بعدها بإضمار أن كقول زياد الأعجم: وهذه الآية منها ولكن امتنع النصب لدخول اللام الدالة على الحال فيمتنع تقدير ان الدالة على الاستقبال لئلا تحصل المنافاة.ط- أن تكون بمعنى إلى وهي كالتي قبلها في انتصاب المضارع بعدها بأن مضمرة كقوله: ي- أن تكون للتقريب نحو ما أدري أسلّم أو ودع قال الحريري في درة لغواص: انهم لا يفرقون بين قولهم: لا أدري أينا أقام أو أذن وقولهم أدري أقام أم أذن والفرق بينهما انك إذا نطقت بأم كنت شاكأ فيما أتى به من الإقامة والأذان وإذا أتيت بأو فقد حققت أنه أتى بالأمرين إلا انه لسرعة وقرب ما بينهما صار بمنزلة من لم يقم ولم يؤذن.ك- الشرطية نحو: لأضربنه عاش أو مات أي إن عاش بعد الضرب وإن مات.ل- التبعيض ذكره بعضهم واستشهد بقوله تعالى: {وقالوا كونوا هودا أو نصارى} وهذا محض تكلف.
وقالوا: حيص بيص بكسر أولهما وفتح آخرهما وبعضهم يبنيهما على الكسر كما تكسر الأصوات نحو غاق غاق وهناك لغات أخرى أضربنا عن ذكرها.{بِمُصْرِخِكُمْ}: بمغيثكم وفي المصباح: صرخ يصرخ من باب قتل صراخا فهو صارخ وصريخ إذا صاح وصرخ فهو صارخ إذا استغاث واستصرخته فأصرخني استغثت به فأغاثني فهو صريخ أي مغيث ومصرخ على القياس وهو المغيث والمستغيث فهو من أسماء الأضداد كما في الصحاح. قال ابن الاعرابي المستغيث والمصرخ المغيث.
|