الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{حتى يتبين لك الذين صدقوا} أي: في اعتذارهم {وتعلم الكاذبين} أي: فيما أظهروا من الإيمان باللسان لو لم يؤذن لهم لقعدوا بلا إذن غير مراعين ميثاقهم الذي واثقوك عليه بالطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره قال ابن عباس: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف المنافقين يؤمئذ حتى نزلت براءة.{لا يستأذنك} أي: لا يطلب إذنك بغاية الرغبة فيه {الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر} أي: الذي يكون فيه الجزاء بالثواب والعقاب {أن} أي: في أن {يجاهدوا} وإنما حسن هذا الحذف لظهوره {بأموالهم وأنفسهم} بل يبادرون إلى الجهاد عند إشارتك إليه وبعثك عمومًا عليه فضلًا عن أن يستأذنوك في التخلف عنه فإن الخلص من المهاجرين والأنصار كانوا يقولون لا نستأذنه صلى الله عليه وسلم في الجهاد فإن ربنا ندبنا إليه مرّة بعد مرّة فأيّ فائدة في الاستئذان ولنجاهد معه بأموالنا وأنفسنا وكانوا بحيث لو أمرهم صلى الله عليه وسلم بالقعود لشق عليهم كما وقع لعليّ رضي الله عنه في غزوة تبوك لما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يبقى في المدينة شق عليه ولم يرض حتى قال له صلى الله عليه وسلم: «ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى» {والله عليم بالمتقين} أي: الذين يتقون مخالفته ويسارعون إلى طاعته.{إنما يستأذنك} يا محمد في التخلف عن الجهاد معك من غير عذر {الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر} وهم المنافقون لأنهم لا يرجون ثوابًا ولا يخافون عقابًا {وارتابت} أي: شكت {قلوبهم} في الدين وإنما أضاف الشك والارتياب إلى القلب لأنه محل المعرفة والإيمان فإذا داخله الشك كان ذلك نفاقًا {فهم} أي: فتسبب عن ذلك أنهم {في ريبهم يتردّدون} أي: المنافقون ويتحيرون لا مع الكفار ولا مع المؤمنين.
|