الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
ويروى مزايلًا وقال الآخر: البسيط: وقالت فرقة: سبب نزول الآية إنما هو ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحمله من مشقة الصلاة حتى كانت قدماه تتورم ويحتاج إلى الترويح بين قدميه فقيل له طًا الأرض أي لا تتعب حتى تحتاج إلى الترويح، فالضمير في {طه} للأرض وخففت الهمزة فصارت ألفًا ساكنة، وقرأت {طه} وأصله طأ فحذفت الهمزة وأدخلت هاء السكت، وقرأ ابن كثير وابن عامر: {طَهَ} بفتح الطاء والهاء وروي ذلك عن قالون عن نافع، ووروي عن يعقوب عن كسرهما، وروي عنه بين الكسر والفتح، وأمالت فرقة، والتفخيم لغة الحجاز والنبي عليه السلام، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بكسر الطاء والهاء، وقرأ أبو عمر و{طَهِ} بفتح الطاء وكسر الهاء، وقرأت فرقة {طَهْ} بفتح الطاء وسكون الهاء، وقد تقدمت، وروي عن الضحاك وعمرو بن فائد انهما قرأ {طاوي}. وقوله: {لتشقى} قالت فرقة: معناه لتبلغ عن نفسك في العبادة والقيام في الصلاة، وقالت فرقة: إنما سبب الآية أن قريش لما نظرت إلى عيش رسول صلى الله عليه وسلم وشظفه وكثرة عبادته قالت: إن محمدًا مع ربه في شقاء فنزلت الآية رادة عليهم، أي إن الله لم ينزل القرآن ليجعل محمدًا شقيًا بل ليجعله أسعد بني آدم بالنعيم المقيم في أعلى المراتب، فالشقاء الذي رأيتم هو نعيم النفس ولا شقاء مع ذلك ع: فهذا التأويل أعم من الأول في لفظة الشقاء، وقوله: {إلا تذكرة} يصح أن ينصب على البدل من موضع {لتشقى} ويصح أن ينصب بفعل مضمر تقديره لكن أنزلناه تذكرة، و{يخشى} يتضمن الإيمان والعمل الصالح إذ الخشية باعثة على ذلك، وقوله: {تنزيلًا} نصب على المصدر، وقوله: {ممن خلق الأرض والسماوات العلى} صفة أقامها مقام الموصوف، وأفاد ذلك العبرة والتذكرة وتحقير الأوثان وبعث النفوس على النظر، و{العلى} جمع عليا فعلى.وقوله: {الرحمنُ} رفع بالابتداء ويصح أن يكون بدلًا من الضمير المستقر في {خلق}. وقوله: {استوى} قالت فرقة: هو بمعنى استولى، وقال أبو المعالي وغيره من المتكليمن: هو بمعنى استواء القهر والغلبة، وقال سفيان الثوري: فعل فعلًا في العرش سماه استواء وقال الشعبي وجماعة غيره: هذا من متشابه القرآن يؤمن به ولا يعرض لمعناه، وقال مالك بن أنس لرجال سأله عن هذا الاستواء فقال له مالك: الاستواء معلوم والكيفية مجهولة والسؤال عن هذا بدعة وأظنك رجل سوء أخرجوه عني، فأدبر السائل وهو يقول يا أبا عبدالله لقد سألت عنها أهل العراق وأهل الشام فما وفق احد توفيقك.قال القاضي أبو محمد: وضعف أبو المعالي قول من قال لا يتكلم في تفسيرها بأن قال إن كل مؤمن يجمع على أن لفظة الاستواء ليست على عرفها في معهود الكلام العربي، فإذا فعل هذا فقد فسر ضرورة ولا فائدة في تأخره على طلب الوجه والمخرج البين، بل في ذلك البأس على الناس وإيهام للعوام، وقد تقدم القول في مسألة الأستواء. وقوله: {له ما في السماوات} الآية تماد في الصفة المذكورة المنبهة على الخالق المنعم، وفي قوله: {ما تحت الثرى} قصص في أمر الحوت ونحوه اختصرته لعدم صحته، والآية مضمنة أن كل موجود محدث فهو لله بالملك والاختراع ولا قديم سواه تعالى. و{الثرى} التراب الندي. اهـ.
ويروى: مُزايلا.وقال عبد الله بن عمرو: يا حبيبي بلغة عَكّ؛ ذكره الغزنوي.وقال قطرب: هو بلغة طيّء؛ وأنشد ليزيد بن المهلهِل: وكذلك قال الحسن: معنى {طه} يا رجل.وقاله عكرمة، وقال: هو بالسريانية كذلك؛ ذكره المهدويّ، وحكاه الماوردي عن ابن عباس أيضًا ومجاهد.وحكى الطبريّ: أنه بالنَّبَطِيّة يا رجل.وهذا قول السدي وسعيد بن جبير وابن عباس أيضًا؛ قال: وقال عكرمة أيضًا: هو كقولك يا رجل بلسان الحبشة؛ ذكره الثعلبي.والصحيح أنها وإن وجدت في لغة أخرى فإنها من لغة العرب كما ذكرنا، وأنها لغة يمنية في عَكّ وطيِّء وعُكل أيضًا.وقيل: هو اسم من أسماء الله تعالى، وقَسَمٌ أقسم به.وهذا أيضًا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقيل: هو اسم للنبي صلى الله عليه وسلم سماه الله تعالى به كما سماه محمدًا.وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لي عند ربي عشرة أسماء» فذكر أن فيها طه ويس، وقيل: هو اسم للسورة، ومفتاح لها.وقيل: إنه اختصار من كلام الله خص الله تعالى رسوله بعلمه.وقيل: إنها حروف مُقطَّعة، يدل كل حرف منها على معنى؛ واختلف في ذلك؛ فقيل: الطاء شجرة طوبى، والهاء النار الهاوية، والعرب تعبر عن الشيء كله ببعضه؛ كأنه أقسم بالجنة والنار.وقال سعيد بن جبير: الطاء افتتاح اسمه طاهر وطيب، والهاء افتتاح اسمه هادي.وقيل: طاء يا طامع الشفاعة للأمة، هاء يا هادي الخلق إلى الله.وقيل: الطاء من الطهارة، والهاء من الهداية؛ كأنه يقول لنبيه عليه الصلاة والسلام: يا طاهرًا من الذنوب، يا هادي الخلق إلى علام الغيوب.وقيل: الطاء طُبول الغُزاة، والهاء هيبتهم في قلوب الكافرين.بيانه قوله تعالى: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الذين كَفَرُواْ الرعب} [آل عمران: 151] وقوله: {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرعب} [الأحزاب: 26].وقيل: الطاء طرب أهل الجنة في الجنة، والهاء هوان أهل النار في النار.وقول سادس: إن معنى {طه} طوبى لمن اهتدى؛ قاله مجاهد ومحمد بن الحنفية.وقول سابع: إن معنى {طه} طَإِ الأرض؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحمل من مشقة الصلاة حتى كادت قدماه تتورم، ويحتاج إلى الترويح بين قدميه، فقيل له: طإ الأرض؛ أي لا تتعب حتى تحتاج إلى الترويح؛ حكاه ابن الأنباري.وقد ذكر القاضي عياض في الشفاء أن الربيع بن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى، فأنزل الله تعالى {طه} يعني طَإِ الأرض يا محمد {مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ القرآن لتشقى}.الزمخشري: وعن الحسن {طَهْ} وفُسّر بأنه أمر بالوطء، وأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقوم في تهجده على إحدى رجليه، فأمر أن يطأ الأرض بقدميه معًا، وأن الأصل طَأْ فقلبت همزته هاء كما قلبت ألفًا في يطا فيمن قال: ثم بنى عليه هذا الأمر، والهاء للسكت.وقال مجاهد: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يربطون الحبال في صدورهم في الصلاة بالليل من طول القيام، ثم نسخ ذلك بالفرض، فنزلت هذه الآية.وقال الكلبي: لما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي بمكة اجتهد في العبادة، واشتدّت عبادته، فجعل يصلي الليل كله زمانًا حتى نزلت هذه الآية، فأمره الله تعالى أن يُخفِّف عن نفسه فيصلي وينام، فنسخت هذه الآيةُ قيامَ الليل؛ فكان بعد هذه الآية يصلي وينام.وقال مقاتل والضحاك: فلما نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم قام هو وأصحابه فصلوا، فقال كفار قريش: ما أنزل الله هذا القرآن على محمد إلا ليشقى؛ فأنزل الله تعالى {طه} يقول: يا رجل {مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ القرآن لتشقى} أي لتتعب؛ على ما يأتي.وعلى هذا القول: إن {طه} طاها أي طإِ الأرض؛ فتكون الهاء والألف ضمير الأرض، أي طَإِ الأرض برجليك في صلواتك، وخُفِّفت الهمزة فصارت ألفًا ساكنة.وقرأت طائفة {طَهْ} وأصله طَأْ بمعنى طَإ الأرض فحذفت الهمزة وأدخلت هاء السكت.وقال زرّ بن حبيش: قرأ رجل على عبد الله بن مسعود {طه مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ القرآن لتشقى} فقال له عبد الله: {طِهِ} فقال: يا أبا عبد الرحمن أليس قد أمر أن يطأ الأرض برجليه أو بقدميه.فقال: {طِهِ} كذلك أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
|