الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة
.مسألة الرجل يسلم التسليمة الأولى قبل تسليمة الإمام الثانية: قال محمد بن رشد: اختلف قول مالك في سلام المأموم والفذ، فكان يقول: إنهما يسلمان تسليمتين ثم يرد المأموم منهما على الإمام، ثم رجع إلى أنهما يسلمان تسليمة واحدة ثم يرد المأموم منهما على الإمام، والقولان قائمان في المدونة. وفي رسم المحرم بعد هذا أن المنفرد لا بأس أن يسلم تسليمتين، وأما الإمام فقال فيه: ما أدركت الأئمة إلا على تسليمة واحدة، زاد في رسم الصلاة الثاني من سماع أشهب، وإنما أحدث تسليمتين منذ كانت بنو هاشم. وقوله في هذه الرواية يأتي على قول مالك الثاني؛ لأنه لم ير أن يسلم تسليمة أخرى اتباعا للإمام، وهو نحو ما في رسم نذر سنة من أنه إذا فاته من صلاة الإمام شيء لا يقوم إلى قضائه حتى يفرغ الإمام من سلامه كله. .مسألة السيجان الإبريسمية وقياسها حرير والملاحف التي يكون لها العلم الحرير: قال محمد بن رشد: المحرم على الرجل لباسه هو الثوب المصمت الخالص من الحرير، وأما ما كان من ثياب الحرير مشوبا بغيره من قطن أو كتان أو صوف فليس بحرام، أجازه ابن عباس، وكرهه ابن عمر، وبكراهية لباسه أخذ مالك هذا قوله هنا وفي الحج الثاني من المدونة وفي غير ما موضع. وأجاز ابن حبيب الخز من ذلك خاصة، وكره ما سواه، اتباعا لمن استجاز لباس الخز من السلف، وليس قوله بقياس. وأما العلم الحرير فكرهه مالك أيضا وأجازه جماعة من السلف وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه أجازه. على قدر الإصبع والإصبعين والثلاثة والأربعة، وقع ذلك في مختصر ما ليس في المختصر لابن شعبان، وبالله التوفيق. ومن كتاب قطع الشجر: .مسألة طول السجود في النافلة في المسجد: قال محمد بن رشد: وجه كراهيته لذلك ما يخشى أن يدخل على فاعل ذلك مما تفسد به نيته. وبالله التوفيق. ومن كتاب أوله الشجرة تطعم بطنين في السنة وسئل عن الزيت تقع فيه الفارة فيطبخ صابونا، أترى أن يباع وأن يغسل بذلك الصابون؟ فقال إني أكره ذلك وما يعجبني. قال: وينتصح على الناس عند غسلهم فلا يعجبني. قال محمد بن رشد: كره في هذه الرواية بيعه ثم قال: وينتصح على الناس عند غسلهم، فكأنه علل الكراهة بذلك. فعلى تعليله لو بين لجاز البيع. والذي يأتي على المعلوم من مذهبه في المدونة وغيرها أن البيع لا يجوز، وهو قول جميع أصحاب مالك حاشا ابن وهب. وأما غسل الثوب به فجائز على مذهبه، وهو قول سحنون نصا في سماعه من كتاب الوضوء، وقول جميع أصحاب مالك حاشا ابن الماجشون. .مسألة الأكل في المسجد: أما الرجل الضعيف وما أشبهه فأرجو إذا كان الشيء الخفيف فلا بأس به. فقيل له: فرحاب المسجد؟ قال لا الرحاب من المسجد للطعام الكثير فلا يعجبني، وكره أكل الإمام الطعام في المسجد. قال محمد بن رشد: قد مضى هذا في رسم شك وفي أول رسم سلعة سماها فلا معنى لإعادته. .مسألة يضع يده في الأرض عند سجوده لمكان عنان فرسه: قال محمد بن رشد: أما إجازته لصلاتهم متفرقين مأتمين بإمامهم من أجل تحصن خيلهم فصحيح، وأما تخفيفه ألا يضع يده في الأرض عند سجوده لمكان عنان فرسه فوجه ذلك الضرورة الداعية إليه إذا لم يجد بدا من ذلك كما قال، لقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «السجود على سبعة آراب»، وهذا مثل ما في آخر سماع موسى، وهو أحسن مما يأتي في رسم اغتسل؛ لأنه قال فيه أرجو أن يكون في سعة ولا أحب له أن يتعمد ذلك. .مسألة أهل أدنة وما أشبهها من المسالح أترى أن يصلوا الجمعة: قال محمد بن رشد: هذا نحو ما في رسم أوله صلى نهارا ثلاث ركعات، وهو معلوم من مذهب مالك أن الجمعة تجب على أهل القرى المتصلة البنيان إذا كان لهم العدد، أعني لأهل القرية دون المقيمين للرباط، ولم يحد في ذلك حدا على مذهبه في كراهية الحد في الأشياء، وحد ابن حبيب في ذلك الثلاثين، كما تجب على أهل الأمصار خلاف ما يذهب إليه أهل العراق أن الجمعة لا تجب إلا في مصر جامع. .مسألة حكم تزويق المساجد: قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في المدونة في كراهية تزويق المسجد. ومن هذا المعنى كره تزيين المصاحف بالخواتم، وقد مضى ذلك في رسم سلعة سماها، وكره في أول سماع موسى أن يكتب في قبلة المسجد بالصبغ آية الكرسي أو غير ذلك من القرآن لهذه العلة. ولابن نافع وابن وهب في المبسوطة إجازة تزيين المساجد وتزويقها بالشيء الخفيف ومثل الكتاب في قبلتها، ما لم يكثر ذلك حتى يكون مما نهي عنه من زخرفة المساجد. .مسألة كيفية صلاة الجالس: قال محمد بن رشد: مثل هذا في المدونة، وهو أمر لا اختلاف فيه، في المذهب أن الاختيار للمصلي جالسا في النافلة أن يكون متربعا، وأن الذي لا يقدر على القيام في صلاته يصلي متربعا. وقد روي عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنها قالت: «رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى متربعا»، وما روي عن ابن مسعود أنه قال: لأن أجلس على رضفتين أحب إلي من أن أتربع في الصلاة، يحتمل أن يكون معناه على التربع في موضع الجلوس. ومن أهل العلم من ذهب إلى العاجز عن القيام في صلاته يجلس بدلا من قيامه كجلوسه في تشهده، وهو قول زفر وما ذهب إليه الجمهور، وهو القياس، أن يفرق بين القعود الذي هو بدل من القيام، وبين القعود الذي هو للتشهد. وقد روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم غير متربع» وهذا يدل على نقصان صلاة القاعد في النافلة متربعا عن صلاته غير متربع، إلا أنه حديث ليس بالصحيح. .مسألة الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في النوافل: وسئل مالك عن الصلاة في مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النوافل، أفيه أحب إليك أم في البيوت؟ قال مالك: أما الغرباء فإن فيه أحب إلي، يعني بذلك الذين لا يريدون إقامة. قال محمد بن رشد: قد مضى القول في هذه المسألة في رسم شك فلا فائدة في تكريره. .مسألة الرجل يهلك يوم الجمعة فيتخلف عليه الرجل ينظر ما يكون من شأن الميت: قال محمد بن رشد: شهود الجمعة فرض واجب على الرجال الأحرار البالغين، فلا يحل لأحد منهم التخلف عنها إلا من عذر أو علة، لقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير عذر ولا علة طبع الله على قلبه». فمن العذر عند مالك ما ذكره من الاشتغال بشأن الميت، ومعناه إذا لم يكن له من يكفيه أمره وخاف عليه التغيير، وكذلك إذا كان في الموت يجود بنفسه يجوز له التخلف عنها بسببه قاله مالك بعد هذا. وقد روي أن عبد الله بن عمر استصرخ على سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يوم الجمعة وهو على الخروج إليها، فتركها وخرج إليه بالعقيق. .مسألة النداء الذي يمنع فيه الناس البيع يوم الجمعة: قال النداء الذي ينادى به والإمام جالس على المنبر، فإذا أذن تلك الساعة رفعت الأسواق فلم يبع فيه عبد ولا غيره. قال محمد بن رشد: ستأتي هذه المسألة متكررة في رسم نذر سنة وفي رسم العارية من سماع عيسى، وهي مثل ما في المدونة وغيرها، لقول الله عز وجل: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9]. قوله فلم يبع فيها عبد ولا غيره، يريد أن الأسواق يمنع أن يتبايع فيها العبيد أو غيرهم ممن لا تجب عليهم الجمعة، كما يمنع من ذلك من تجب عليه للذريعة، فإن باع فيها من لا تجب عليه الجمعة لم يفسخ بيعه. وأما في غير الأسواق فجائز للعبيد والنساء والمسافرين وأهل السجون والمرضى أن يتبايعوا فيما بينهم، فإن باع منهم من لا تجب عليه الجمعة ممن تجب عليه فسخ بيعه، كما يفسخ بيع من تجب عليه ممن لا تجب عليه ما كانت السلعة قائمة، فإن فاتت مضت بالثمن، وقيل إنها ترد إلى القيمة وقت البيع، وقيل بعد أن تحل الصلاة، وقيل إن البيع لا يفسخ وإن كانت السلعة قائمة وقد باء المتبايعان بالإثم ويتصدق البائع بالربح، وقيل ليس ذلك عليه. .مسألة التكبير أيكبر الناس أيام منى فيما بين الصلوات: قال محمد بن رشد: مثل هذا كله في المدونة، إلا أن التحديد في رواية علي بن زياد وقع فيها من قول مالك، وهنا من قول علي بن زياد. واستحب ابن حبيب التهليل والتحميد مع التكبير، وهو أن يقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد، وذلك كله واسع. .مسألة الجلوس يوم عرفة في المساجد في البلدان بعد العصر للدعاء: قال محمد بن رشد: كره مالك هذا وإن كان الدعاء حسنا وأفضله يوم عرفة؛ لأن الاجتماع لذلك بدعة. وقد روي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «أفضل الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة»، وسيأتي هذا المعنى متكررا في رسم صلى نهارا. .مسألة الذي يدرك الناس وهم يقنتون في صلاتهم الصبح وقنوتهم بعد الركوع: قال محمد بن رشد: هذا صحيح؛ لأنه إذا لم يدرك الركوع من الركعة الثانية فلا يعتد بالقنوت كما لا يعتد بما أدرك من السجود. وأما إذا ركع الركوع من الركعة الثانية فلا يقنت في الركعة التي يقضي، كان الإمام ممن يقنت بعد الركوع فقنت معه أو ممن يقنت قبل الركوع فلم يدركه معه، وهذا على القول بأن الذي أدرك مع الإمام هو آخر صلاته، وأما على القول بأن ذلك أول صلاته وعلى مذهب أشهب الذي يقول إنه بان في القراءة وصفة القيام والجلوس، فعليه أن يقضي القنوت أدركه مع الإمام أو لم يدركه، والله أعلم. .مسألة النفر يكونون في المسجد يقولون لرجل حسن الصوت اقرأ علينا: قال محمد بن رشد: إنما كره مالك رَحِمَهُ اللَّهُ للقوم أن يقولوا للحسن الصوت: اقرأ علينا إذا أرادوا بذلك حسن صوته كما قال، لا إذا قالوا ذلك له استدعاء لرقة قلوبهم بسماع قراءته الحسنة، فقد روي أن رسول الله عَلَيْهِ السَّلَامُ قال: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن»، أي ما استمع لشيء مما استمع لنبي يحسن صوته بالقرآن طلبا لرقة قلبه بذلك. وقد كان عمر بن الخطاب إذا رأى أبا موسى الأشعري قال: ذكرنا ربنا فيقرأ عنده، وكان حسن الصوت، فلم يكن عمر ليقصد الالتذاذ بسماع صوته، وإنما استدعى رقة قلبه بسماع قراءته القرآن، وهذا لا بأس به إن صح من فاعله على هذا الوجه. وقول مالك: إن من الأحاديث أحاديث قد سمعتها وأنا أتقيها، إنما اتقى أن يكون التحدث بما روي عن عمر بن الخطاب من هذا ذريعة لاستجازة القرآن بالألحان ابتغاء سماع الأصوات الحسان والالتذاذ بذلك حتى يقصد أن يقدم الرجل للإمامة لحسن صوته لا لما سوى ذلك مما يرغب في إمامته من أجله. فقد روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «بادروا بالموت ستا» فذكرها أحدها بشر يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليغنيهم وإن كان أقلهم فقها، فالتحذير إنما وقع في الحديث لإيثارهم تقديم الحسن الصوت على الكثير الفقه، فلو كان رجلان مستويين في الفضل والفقه وأحدهما أحسن صوتا بالقراءة لما كان مكروها أن يقدم الأحسن صوتا بالقرآن؛ لأنها مزية زائدة محمودة خصه الله بها. وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي موسى الأشعري تغبيطا له بما وهبه الله من حسن الصوت: «لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود». وأما ما روي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن»، فقيل معناه من لم يستغن به، أي من لم ير أنه به أفضل حالا من الغني بغناه، وقيل معناه من لم يحسن صوته بالقرآن استدعاء لرقة قلبه بذلك. وقد قيل لابن أبي مليكة أحد رواة الحديث فمن لم يكن له حلق يحسنه، قال يحسنه ما استطاع. والتأويل الأول أولى؛ لأن قوله في الحديث «ليس منا من لم يتغن بالقرآن» يدل على أن من لم يفعل ذلك فهو مذموم، وليس من قرأ القرآن ابتغاء ثواب الله عز وجل من غير أن يحسن صوته به مذموما على فعله، وبالله التوفيق. .مسألة الغلمان في الكتاب أيصلي بهم بعضهم ولم يحتلم: قال محمد بن رشد: إنما خفف للغلمان أن يأتموا بالغلام، وكره ذلك للنساء في النافلة وإن كانت الصلاة للغلمان نافلة؛ لأن الغلمان غير مكلفين فلم يلزمهم انتقاء من يأتمون به، وإن كان ائتمامهم بالبالغ الذي تلزمه المحافظة على الطهارة والنية أولى بهم، والنساء مكلفات داخلات في عموم قول النبي، عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أئمتكم شفعاؤكم فانظروا بمن تستشفعون»، فمن النظر لهن أن لا يأتممن في صلاتهن النافلة بمن لم يحتلم إذ لا يأمن أن يصلي بهن بغير طهارة، إذ لا حرج عليه في ذلك. ألا ترى إلى شهادته إذا ردت من أجل أنه لا يؤمن أن يشهد بالزور إذ لا حرج عليه في ذلك. .مسألة اشتمال الصماء في الصلاة: قال محمد بن رشد: القول الأول هو القياس؛ لأن الحكم إذا ثبت لعلة وجب أن يزول الحكم بزوال العلة. ووجه القول الثاني مخافة الذرائع ولئلا يرى الجاهل الذي لا يعلم علة نهي النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ عن اشتمال الصماء ما هي، فيرى العالم يشتمل الصماء على ثوب فيشتملها على غير ثوب. .مسألة الرجل يقرأ للناس في المسجد فيمر بسجدة فيسجد أترى أن يسجدوا: قال محمد بن رشد: قوله في إبان الصلاة، أي في وقت تحل فيه الصلاة. وجلوس القوم إلى الرجل الذي يقرأ القرآن ينقسم إلى ثلاثة أقسام: أحدها أن يجلسوا إليه للتعليم، فهذا جائز أن يجلسوا إليه وواجب أن يسجدوا بسجوده إذا مر بسجدة فسجد فيها، واختلف إن لم يسجد فيها، فقيل إنهم يسجدون وإن لم يسجد، وهو قول ابن القاسم في المدونة، وقيل إنه لا سجود عليهم إذا لم يسجد، وهو قول ابن حبيب في الواضحة، ومثله في الأثر الواقع في المدونة. وقد اختلف في المقرئ الذي يقرأ عليه القرآن، فقيل إنه يسجد بسجود القارئ إذا كان بالغا في أول ما يمر بسجدة، وليس عليه السجود فيما بعد ذلك، وقيل ليس ذلك عليه بحال. والثاني أن يجلسوا إليه ليستمعوا قراءته ابتغاء الثواب في استماع القرآن، فهذا جائز أن يجلسوا إليه، ويختلف أن يجب عليهم أن يسجدوا بسجوده إذا مر بسجدة فسجد، فقال في آخر هذه الرواية إنهم لا يسجدون بسجوده، وقال ابن حبيب إنهم يسجدون بسجوده إلا أن يكون من لا يصح أن يأتم به من امرأة أو صبي. والذي في المدونة محتمل للتأويل، والأظهر منها أنهم لا يسجدون بسجوده مثل هذه الرواية. والثالث أن يجلسوا إليه ليقرأ ويسجد بهم، فهذا يكره أن يجلسوا إليه وأن يسجدوا بسجوده، وهو معنى قوله في أول هذه الرواية ونص قوله في المدونة. .مسألة الرجل يدخل في رمضان وقد صلى الناس ركعة من الركعتين الأوليين: قال محمد بن رشد: ظاهر هذه الرواية أنه يدخل معهم لركعته الثانية التي فاتته في ركعتهم الثالثة التي ابتدءوا بها مؤتما بهم فيها، وقد نص على ذلك ابن حبيب عن ابن القاسم، وهو بعيد؛ لأنه يصير مؤتما بهم في الثالثة التي يدخل فيها معهم وهو قد أحرم قبلهم ثم يسلم من صلاته أيضا قبلهم، وهذا خلاف سنة الائتمام بالإمام في الصلاة، إلا أنه نحو ما كان من فعل أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إذا صلى بالناس في مرض النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي، استأخر فجلس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى جنبه، فكان أبو بكر يصلي بصلاة النبي عَلَيْهِ السَّلَامُ وكان الناس يصلون بصلاة أبي بكر إذا قلنا إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان الإمام في تلك الصلاة على ما يدل عليه ما وقع في البخاري من أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان عن يسار أبي بكر؛ لأن أبا بكر قد عاد مؤتما به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بقية الصلاة وقد أحرم قبله فيها، فهذا نحو ظاهر هذه الرواية وما حكى ابن حبيب عن ابن القاسم. وقد قيل إن أبا بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لم يخرج عن إمامته في هذه الصلاة وإنه كان الإمام فيها بالنبي عَلَيْهِ السَّلَامُ وهو الصحيح في النظر. ويصح أن يتأول عليه ما في الأثر والذي في سماع أشهب مخالف لظاهر هذه الرواية، وذلك أنه قال فيها: يقضي لنفسه الركعة التي فاتته ويتوخى أن يكون قيامه موافقا لقيامهم وركوعه موافقا لركوعهم وسجوده موافقا لسجودهم من غير أن يأتم بهم فيها، وهو أحسن وأصح في المعنى والنظر. وسحنون وابن عبد الحكم يقولان: إنه يقضي لنفسه الركعة التي فاتته ويخفف فيها ثم يدخل مع الإمام، وهذا أولى ما قيل في هذه المسألة، والله أعلم. .مسألة الرجل يكون مع صاحبه فيمرض مرضا شديدا أيدع الجمعة: قال محمد بن رشد: قد مضى القول في هذه المسألة في أول هذا الرسم فلا وجه لإعادته. .مسألة الذي يكون في المسجد فتقام الصلاة أيقيم الصلاة في نفسه: قال محمد بن رشد: قوله هذا مخالف، أي مخالف للسنة؛ لأن السنة أن يقيم المؤذن الصلاة دون الإمام والناس، بدليل ما روي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم وحانت الصلاة جاء المؤذن إلى أبي بكر الصديق فقال: أتصلي للناس فأقيم؟ قال: نعم. وإنما الذي يجب للناس في حال الإقامة أن يدعوا لأنها ساعة الدعاء، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ساعتان تفتح لهما أبواب السماء وقل داع ترد عليه دعوته حضرة النداء والصف في سبيل الله عز وجل». .مسألة حكم صلاة من يمر تحت السقائف فيقع عليه ماء: قال محمد بن رشد: قد مضت هذه المسألة في هذا الرسم بعينه من هذا السماع من كتاب الوضوء، وزاد فيها من سماع عيسى منه زيادة فيها تفسير.
|