الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أسد الغابة في معرفة الصحابة **
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمج بن الحسن الشافعي، أنبأنا أبو العشائر محمد بن خليل، أنبأنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي، أنبأنا أبو محمد بن عبد الرحمن بن عثمان، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان، حدثنا عبد الله بن الحسن الهاشمي، حدثنا عبد الأعلى بن حماد، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، حدثنا قتادة، عن أنس قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد أحداً ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف، فضربه برجله وقال: اثبت أحد، فما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان. أنبأنا القاسم بن علي بن الحسن كتابة، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو محمد بن طاوس، أنبأنا طراد بن محمد- وأنبأنا به عالياً أبو الفضل عبد الله بن أحمد، أنبأنا طراد بن محمد إجازة إن لم يكن سماعا، أنبأنا الحسين بن بشران، أنبأنا أبو علي بن صفوان، أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب لما نفر من منى، أناخ بالأبطح، ثم كوم كومة من البطحاء، فألقى عليها طرف ردائه، ثم استلقى ورفع يديه إلى السماء، ثم قال: اللهم كبرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط! فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن فمات. أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم، أنبأنا أبي، أنبأني أبو محمج بن الأكفاني، أنبأنا عبد العزيز الكناني، أنبأنا تمام بن محمد، وعبد الرحمن بن عثمان، وعقيل بن عبد الله، قال: وأخبرني أبو محمد بن الأكفاني، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عقيل بن الكزبري، أنبأنا أبو محمد بن أبي نصر التميمي، أنبأنا أحمد بن القاسم بن معروف، حدثنا أبو زرعة، حدثنا أبو اليمان، أنبأنا شعيب، عن الزهري، أخبرني محمد بن جبير بن مطعم، عن جبير بن مطعم، قال: حججت مع عمر آخر حجة حجها، فبينا نحن واقفون على جبل عرفة، صرخ رجل فقال: يا خليفة. فقال رجل من لهب- وهو حي من أزد شنوءة يعتافون-: ما لك? قطع الله لهجتك- وقال عقيل: لهاتك- والله لا يقف عمر على هذا الجبل بعد هذا العام أبداً. قال جبير: فوقعت بالرجل اللهبي فشتمته، حتى إذا كان الغد وقف عمر وهو يرمي الجمار، فجاءت عمر حصاة عاثرة من الحصى الذي يرمي به الناس، فوقعت في رأسه ففصدت عرقاً من رأسه، فقال رجل: أشعر أمير المؤمنين ورب الكعبة، لا يقف عمر على هذا الموقف ابداً بعد هذا العام- قال جبير: فذهبت ألتفت إلى الرجل الذي قال ذلك، فإذا هو اللهبي، الذي قال لعمر على جبل عرفة ما قال. لهب: بكسر اللام، وسكون الهاء. أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحصن الفقيه بإسناده عن أبي يعلى، حدثنا أحمد بن إبراهيم البكري، حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري قال: خطب عمر الناس، فقال: رأيت كأن ديكاً نقرني نقرة أو نقرتين، ولا أدري ذلك إلا لحضور أجلي، فإن عجل بي أمر فإن الخلافة شورى في هؤلاء الرهط الستة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض. وأنبأنا أحمد بن عثمان، أنبأنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور، أنبأنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم، أنبأنا أبو بكر بن مردويه، حدثنا عبد الله بن اسحاق، حدثنا محمد بن الجهم السمري، حدثنا جعفر بن عون، أنبأنا محمد بن بشر، عن مسعر بن كدام، عن عبد الملك بن عمير، عن الصقر بن عبد الله، عن عروة، عن عائشة قالت: بكت الجن على عمر قبل أن يموت بثلاث، فقالت: جزى الله خيراً من أمير وباركت ** يد الله في ذاك الأديم المـمـزق
فمن يسع أو يركب جناحي نعامة ** بوائق في أكمامها لم تـفـتـق
فما كنت أخشى أن يكون مماتـه ** بكفى سبنتي أخضر العين مطرق قيل: إن هذه الأبيات للشماخ، أو لأخيه مزرد. أنبأنا مسمار بن عمر بن العويس النيار وأبو عبد الله الحسين بن أبي صالح بن فناخسرو وغيرهما بإسنادهم إلى محمد بن إسماعيل: حدثنا موسى بن إسماعيل، أنبأنا أبو عوانة، عن حصين، عن عمرو بن ميمون قال: رأيت عمر بن الخطاب قبل أن يصاب بأيام بالمدينة، وقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف قال: كيف فعلتما? أتخافان أن تكونا قد حملتما الأرض ما لا تطيق? قالا: حملناها أمراً هي له مطيقة، وما فيها كبير فضل. قال: انظرا أن تكون حملتما الأرض ما لا تطيق: قالا: لا. فقال عمر: لئن سلمني الله لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبداً- قال: فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب- قال: إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب، وكان إذا مر بين الصفين قال: استووا، حتى إذا لم ير فيهن خللاً تقدم فكبر، وربما قرأ بسورة "يوسف" أو "النحل" أو نحو ذلك في الركعة الأولى، حتى يجتمع الناس، فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتني- أو: أكلني الكلب- حين طعنه، فطار العلج بسكين ذات طرفين، لا يمر على أحد يميناً وشمالاً إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً مات منهم سبعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنساً، فلما ظن أنه مأخوذ نحر نفسه، وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدمه، فمن يلي عمر، فقد رأى الذي أرى، وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون، غير أنهم قد فقدوا صوت عمر وهو يقولون: "سبحان الله، سبحان الله" فصلى بهم عبد الرحمن صلاة خفيفة، فلما انصرفوا قال: يابن عباس، انظر من قتلني. فجال ساعة، ثم جاء المسجد فقال: غلام المغيرة بن شعبة. قال: الصنع? قال: نعم. قال: قاتله الله! لقد أمرت به معروفاً! الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام، قد كنت أنت وأبوك تحبان أن يكثر العلوج بالمدينة- وكان العباس أكثرهم رقيقاً- فقال: إن شئت فعلت? أي: إن شئت قتلنا فقال: كذبت! بعدما تكلموا بلسانكم، وصلوا قبلتكم وحجوا حجكم. واحتمل إلى بيته، فانطلقنا معه، وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ، فقائل يقول: لا بأس وقائل يقول: أخاف عليه. فأتي بنبيذ فشربه، فخرج من جوفه. ثم أتي بلبن فشربه، فخرج من جوفه. فعرفوا أنه ميت. فدخلنا عليه وجاء الناس يثنون عليه، وجاء غلام شاب فقال: أبشر- يا أمير المؤمنين- ببشرى الله له، من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدم في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم شهادة. قال: وددت أن ذلك كفافاً، لا علي ولا لي. فلما أدبرا إذا إزاره يمس الأرض، قال: ردوا علي الغلام، قال: يابن أخي، ارفع ثوبك فإنه أنقى لثوبك، وأتقى لربك، يا عبد الله بن عمر، انظر ما علي من الدين فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفاً أو نحوه- قال: إن وفى له مال آل عمر فأده من أموالهم، وإلا فسل في بني عدي، فإن لم تف أموالهم فسل في قريش، ولا تعدهم إلى غيرهم، فأد عني هذا المال، وانطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل لها: يقرأ عليك عمر السلام- ولا تقل "أمير المؤمنين" فإني لست اليوم للمؤمنين أميراً- وقل" يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه. فسلم واستأذن، ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام، ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه. فقالت: كنت أريده لنفسي، ولأوثرن به اليوم على نفسي. فلما أقبل قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء. قال: ارفعوني. فأسنده رجل إليه، فقال: ما لديك? قال: الذي تحب، قد أذنت. قال: الحمد لله، ما كان شيء أهم إليّ من ذلك، فإذا أنا قبضت فاحملوني، ثم سلم فقل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت فأدخلوني، وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين. وجاءت أم المؤمنين حفصة، والنساء تسير معها، فلما رأيناها قمنا، فولجت عليه فبكت عنده ساعة، واستأذن الرجال، فولجت داخلاً لهم، فسمعنا بكاءها من الداخل، فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين. استخلف. قال: ما أجد أحق بهذا من هؤلاء النفر- أو: الرهط- الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض. فسمى: علياً، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعداً، وعبد الرحمن بن عوف، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء كهيئة التعزية له- فإذا أصابت الإمرة سعداً فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر، فإني لم أعزله من عجز ولا خيانة..وذكر الحديث وقد تقدم في ترجمة عثمان بن عفان. وروى سماك بن حرب، عن ابن عباس أن عمر قال لابنه عبد الله: خذ رأسي عن الوسادة فضعه في التراب، لعل الله يرحمني! وويل لي وويل لآمي إن لم يرحمني الله عز وجل! فإذا أنا مت فاغمض عيني، واقصدوا في كفني، فإنه إن كان لي عند الله خير أبدلني ما هو خير منه، وإن كنت على غير ذلك سلبني فأسرع سلبي، وأنشد: أنبأنا أبو محمد، أخبرنا أبي، أنبأتنا أم المجتبى العلوية، قالت: قرأ على إبراهيم بن منصور، أخبرنا أبو محمد بن المقري، أنبأنا أبو يعلى، أنبأنا أبو عباد قطن بن نسير الغبري، أنبأنا جعفر بن سليمان، حدثنا ثابت، عن أبي رافع قال: كان أبو لؤلؤة عبداً للمغيرة بن شعبة، وكان يصنع الأرحاء وكان المغيرة يستغله كل يوم أربعة دراهم، فلقي أبو لؤلؤة عمر فقال: يا أمير المؤمنين، إن المغيرة قد أثقل علي غلتي، فكلمه يخفف عني. فقال له عمر: اتق الله، وأحسن إلى مولاك- ومن نية عمر أن يلقى المغيرة فيكلمه يخفف عنه، فغضب العبد وقال: وسع الناس كلهم عدله غيري. فأضمر على قتله، فاصطنع له خنجراً له رأسان، وشحذه وسمه، ثم أتى به الهرمزان فقال: كيف ترى هذا? قال: أرى، انك لا تضرب به أحداً إلا قتلته. قال: فتحين أبو لؤلؤة عمر، فجاءه في صلاة الغداة حتى قام وراء عمر- وكان عمر إذا أقيمت الصلاة يقول: "أقيموا صفوفكم"، فقال كما كان يقول، فلما كبر ووجأه أبو لؤلؤة في كتفه ووجأه في خاصرته، وقيل: ضربه ست ضربات، فسقط عمر، وطعن بخنجره ثلاثة عشر رجلاً، فهلك منهم سبعة وأفرق منهم ستة، وحمل عمر فضهب به. وقيل: إن عمر قال لأبي لؤلؤة: ألا تصنع لنا رحاً? قال: بلى، اصنع لك رحاً يتحدث بها أهل الأمصار. ففزع عمر من كلمته، وعليّ معه، فقال علي: إنه يتوعدك يا أمير المؤمنين. قال: وأنبأنا أبي، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيويه، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن محمد، حدثنا محمد بن سعد، أنبأنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل بن يونس، عن كثير النواء، عن أبي عبيد، مولى ابن عباس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت مع علي فسمعنا الصيحة على عمر، قال: فقام وقمت معه، حتى دخلنا عليه البيت الذي هو فيه فقال: ما هذا الصوت? فقالت له امرأة: سقاه الطبيب نبيذاً فخرج، وسقاه لبناً فخرج، وقال: لا أرى أن تمسي فما كنت فاعلاً فافعل. فقالت أم كلثوم: واعمرا! وكان معها نسوة فبكين معها، وارتج البيت بكاء، فقال عمر: والله لو أن لي ما على الأرض من شيء لافتديت به من هول المطلع. فقال ابن عباس: والله إني لأرجو أن لا تراها إلا مقدار ما قال الله تعالى: "وإن منكم إلا واردها" إن كنت- ما علمنا- لأمير المؤمنين، وأمين المؤمنين، وسيد المؤمنين، تقضي بكتاب الله، وتقسم بالسوية. فأعجبه قولي، فاستوى جالساً فقال: أتشهد لي بهذا يا ابن عباس? قال: فكففت، فضرب على كتفي فقال: اشهد. فقلت: نعم، أنا أشهد. ولما قضى عمر رضي الله عنه- صلى عليه صهيب، وكبر عليه أربعاً. أنبأنا عبد الوهاب بن هبة الله بن أبي حبة بإسناده عن عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي، أنبأنا علي بن إسحاق، أنبأنا عبد الله، أنبأنا عمر بن سعيد بن أبي حسين، عن ابن أبي مليكة: أنه سمع ابن عباس يقول: وضع عمر على سريره، فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع، وأنا فيهم، فلم يرعني، غلا رجل قد أخذ بمنكبي من ورائي، فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب، فترحم على عمر وقال: ما خلفت أحداً أحب إليّ ألقى الله بمثل عمله منك وأيم الله، إن كنت لأظن ليجعلنك الله مع صاحبيك، وذلك أني كنت أكثر أن اسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر. وإن كنت أظن ليجعلنك الله معهما. ولما توفي عمر صلي عليه في المسجد، وحمل على سرير رسول الله صلى الله عليه وسلم، غسله ابنه عبد الله، ونزل في قبره ابنه عبد الله، وعثمان بن عفان، وسعيد بن زيد، وعبد الرحمن بن عوف. روى أبو بكر بن إسماعيل بن محمد بن سعد عن أبيه أنه قال: طعن عمر يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة، سنة ثلاث وعشرين، ودفن يوم الأحد صباح هلال المحرم سنة أربع وعشرين، وكانت خلافته عشر سنين، وخمسة أشهر، وأحداً وعشرين يوماً. وقال عثمان بن محمد : هذا وهم، توفي عمر لأربع ليال بقين من ذي الحجة، وبويع عثمان يوم الاثنين لليلة بقيت من ذي الحجة. وقال ابن قتيبة: ضربه أبو لؤلؤة يوم الاثنين لأربع بقين من ذي الحجة، ومكث ثلاثاً، وتوفي، فصلى عليه صهيب، وقبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر. وكانت خلافته عشر سنين، وستة أشهر، وخمس ليال، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة، وقيل: كان عمره خمساً وخمسين سنة، والأول أصح ما قيل في عمر. أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي علي، والحسين بن يوحن بن اتويه بن النعمان الباوردي قالا: حدثنا الفضل بن محمد بن عبد الواحد بن عبد الرحمن البيلي الأصبهاني، أخبرنا أبو القاسم أحمد بن منصور الخليلي البلخي، أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد الخزاعي، أنبأنا أبو سعيد الهيثم بن كليب بن شريح بن معقل الشاشي، أنبأنا أبو عيسى الترمذي، قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي اسحاق، عن عامر بن سعد، عن جرير، عن معاوية أنه سمعه يخطب قال: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة، وأبو بكر وعمر وأنا ابن ثلاث وستين سنة. وقال قتادة: طعن عمر يوم الأربعاء، ومات يم الخميس. وكان عمر أعسر يسر: يعمل بيديه. وكان أصلع طويلاً، قد فرع الناس، كأنه على دابة. قال الواقدي: كان عمر أبيض أمهق، تعلوه حمرة، يصفر لحيته وإنما تغير لونه عام الرمادة لأنه أكثر أكل الزيت، لأنه حرم على نفسه السمن واللبن حتى يخصب الناس فتغير لونه. وقال سماك: كان عمر أروح كأنه راكب، وكأنه من رجال بني سدوس. والأروح: الذي يتدانى قدماه إذا مشى. وقال زر بن حبيش: كان عمر أعسر يسر، آدم. وقال الواقدي: لا يعرف عندنا أن عمر كان آدم إلا أن يكون رآه عام الرمادة. قال أبو عمر: وصفه زر بن حبيش وغيره أنه كان آدم شديد الأدمة، وهو الأكثر عند أهل العلم. وقال أنس: كان عمر يخضب بالحناء بحتاً. وهو أول من اتخذ الدرة، وأول من جمع الناس على قيام رمضان، وهو أول من سمي "أمير المؤمنين"، وأكثر الشعراء مراثيه، فمن ذلك قول حسان بن ثابت الأنصاري: فليس من مؤمن لـه بـصـر ** ينكر تفضيلـهـم إذا ذكـروا
عاشوا بلا فرقة ثـلاثـتـهـم ** واجتمعوا في الممات إذ قبروا وقالت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، وكانت زوج عمر بن الخطاب: فجعتني المنون بالفارس المعلم ** يوم الهياج والتلبيب
عصمة الناس والمعين على الدهر ** وغيث المنتاب والمحروب رزاح: بفتح الراء، والزاي. عمر بن سالم الخزاعي. وقيل: عمرو. وهو وافد خزاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم. روى الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس: أن عمر بن سالم الخزاعي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأنشده: وذكر الأبيات، ونذكرها في عمرو بن سالم، إن شاء الله تعالى. أخرجه ابن منده وأبو نعيم، وقال أبو نعيم: أخرجه بعض المتأخرين وقال: "وقيل: عمرو وافد خزاعة"، قال: ولم يختلف فيه أنه عمرو بن سالم. قلت: قول أبي نعيم صحيح، وقول ابن منده وهم وتصحيف، والله أعلم. عمر بن سراقة بن المعتمر بن أنس القرشي العدوي. شهد بدراً هو وأخوه عبد الله بن سراقة، وقال مصعب فيه: عمرو بن سراقة. أخرجه أبو عمر. قلت: وقد سماه ابن إسحاق من عدة طرق عنه عمراً وغيره، وهو الصحيح، وهناك أخرجه ابن منده وأبو نعيم. عمر بن سعد الأنماري، أبو كبشة. يعد في الشاميين، مختلف في اسمه، فقيل: عمر بن سعد، وقيل: سعد بن عمر، وقيل: عمرو بن سعد. ونذكره إن شاء الله تعالى في مواضعه أكثر من هذا. أخرجه الثلاثة. عمر بن سعد الأسلمي. ذكره مطين في الوحدان، فيه نظر، قاله أبو نعيم. أنبأنا أبو موسى الحافظ إذناً، أنبأنا أبو علي، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن محمد، حدثنا الحضرمي، حدثنا سعيد بن يحيى الأموي، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، عن جعفر بن الزبير قال: سمعت زياد بن عمر بن سعد السلمي، يحدث عن عروة بن الزبير قال: حدثني أبي وجدي- وكانا قد شهدا خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- قالا: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر، ثم جلس إلى ظل شجرة، فذكر قصة الدية. أخرجه ابن منده وأبو موسى. عمر بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، أخو الأسود بن سفيان، وهو ابن أخي أبي سلمة بن عبد الأسد. كان ممن هاجر إلى أرض الحبشة. أخرجه أبو عمر مختصراً. عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد القرشي المخزومي، ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن أمه أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. تقدم ذكره قبل هذه الترجمة عند ذكر أبيه عبد الله بن عبد الأسد، يكنى أبا حفص. ولد في السنة الثانية من الهجرة بأرض الحبشة، وقيل: إنه كان له يوم قبض النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين، وكان يوم الخندق هو وابن الزبير في أطم حسان بن ثابت الأنصاري، وشهد مع علي الجمل، واستعمله على البحرين، وعلى فارس. وتوفي بالمدينة أيام عبد الملك بن مروان، سنة ثلاث وثمانين. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث. روى عنه سعيد بن المسيب، وأبو أمامة بن سهل بن حنيف، وعروة بن الزبير. أخبرنا إسماعيل بن علي وغيره قالوا بإسنادهم عن أبي عيسى الترمذي: أخبرنا عبد الله بن الصباح الهاشمي، حدثنا عبد الأعلى، عن معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر ين أبي سلمة: أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده طعام، فقال: يا بني، ادن فسم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك. أخرجه الثلاثة. عمر بن عامر السلمي. سأل النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه سلمة أبو عبد الحميد. روى محمد بن أحمد بن سلام، عن يحيى بن الورد، حدثنا أبي، حدثنا عدي بن الفضل، عن عثمان البتي، عن عبد الحميد بن سلمة، عن أبيه، عن عمر بن عامر السلمي: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال: "إذا صليت الصبح فأمسك عن الصلاة حتى تطلع الشمس، فإنها تطلع بين قرني شيطان، فإذا انتصبت وارتفعت فصل، فإن الصلاة مشهودة مقبولة، حتى ينتصف النهار وتكون الشمس قدر رأسك قيد رمح، وإذا زالت الشمس فصل، فإن الصلاة مشهودة مقبولة، حتى تصلي العصر وتصفر الشمس، فأمسك عن الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان، فإذا غربت فصل، فإن الصلاة مشهودة مقبولة". أخرجه ابن منده وأبو نعيم، قال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين، فأخرج هذا الحديث بعينه، من حديث يحيى بن الورد، وهم فيه، وإنما هو عمرو بن عبسة السلمي، والحديث مشهور من حديث عمرو بن عبسة، رواه عنه أبو أمامة الباهلي، وأبو إدريس الخولاني وغيرهما. قال أبو نعيم: أنبأنا أحمد بن محمد بن إسحاق، حدثنا أبو بكر الدينوري القاضي- فيما كتب إليّ- حدثنا محمد بن أحمد بن المهاجر، حدثنا يحيى بن ورد بن عبد الله، حدثنا أبي، عن عدي بن الفضل، عن عثمان البتي، عن عبد الحميد بن سلمة، عن أبيه، عن عمرو بن عبسة السلمي أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إذا صليت الصبح.. وذكر الحديث. عمر بن عبيد الله بن أبي زكريا. ذكر في الصحابة، لا يصح. روى حديثه أبو ضمرة أنس بن عياض، عن الحارث بن أبي ذباب، عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سها في المغرب. أخرجه ابن منده وأبو نعيم. عمر بن عكرمة بن أبي جهل بن هشام المخزومي، قتل باليرموك، ويقال: بأجنادين. عمر بن عمرو الليثي، وقيل: عبيد بن عمرو. وقال أبو نعيم: حديثه عند قرة بن خالد، عن سهل بن علي النميري قال: لما كان يوم الفتح كان عند عمر بن عمرو الليثي خمس نسوة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلق إحداهن. رواه عبد الوهاب بن عطاء، عن قرة بن خالد فقال: "عن عبيد بن عمر". وأخرجه ابن منده وأبو نعيم. عمر بن عمير بن عدي بن نابي الأنصاري السلمي، وهو ابن عم ثعلبة بن عنمة بن عدي بن نابي، وابن عم عبس بن عامر بن عدي. شهد مشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه أبو عمر مختصراً. عمر بن عوف النخعي- وقيل: عمرو. ذكره محمد بن إسماعيل في الصحابة، قاله ابن منده. روى مالك بن يخامر عن ابن السعدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنقطع الهجرة ما دام الكفار يقاتلون". فقال معاوية بن أبي سفيان، وعمر بن عوف النخعي، وعبد الله بن عمرو بن العاص إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الهجرة هجرتان: إحداهما أن يهجر السيئات، والأخرى أن يهاجر إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم". أخرجه الثلاثة، وقال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين في الصحابة، وزعم أن محمد بن إسماعيل ذكره في الصحابة فيمن اسمه عمر، وفيما ذكره نظر: وروى أبو نعيم الحديث الذي ذكره ابن منده وأبو عمر في الهجرة، فقال: "وقال معاوية، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمرو". ولم يذكر "عمر بن عوف"، وهذا لا مطعن على ابن منده فيه، فإن أبا عمر قد ذكره كذلك، ولا شك أن بعض الرواة ذكره فيهم، وبعضهم لم يذكره، والله أعلم. عمر بن غزية. أتى النبي صلى الله عليه وسلم وبايعه. روى محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: أتى عمر بن غزية النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، بايعت امرأة بتمر، فوعدتها البيت، فلما خلوت بها نلت منها ما دون الفرج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثم مه" قال: ثم اغتسلت وصليت، فأنزل الله تعالى: "أقم الصلاة طرفي النهار" فقال عمر: يا رسول الله، هذا خاص لهذا أم للناس عامة? فقال" للناس عامة". أخرجه ابن منده وأبو نعيم، وقال أبو نعيم: هذا عمرو بن غزية الأنصاري، عقبي، وروى الحديث المذكور في بيع التمر، فقال عمرو بفتح العين، وفي آخره واو، بدل عمر بضم العين. والحق معه، وقد ذكره ابن منده أيضاً في عمرو، وذكر القصة بحالها، ولا شك أنه غلط من ابن منده، والحق مع أبي نعيم، فإن عمراً يشتبه بعمر على كثير من الناس. عمر بن لاحق، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه الحسن بن أبي الحسن أنه قال: "لا وضوء على من مس فرجه". أخرجه ابن منده وأبو نعيم موقوفاً. عمر بن مالك بن عتبة بن نوفل الزهري، شهد فتح دمشق، وولي فتح الجزيرة. لا يعرف. عمر بن مالك بن عقبة بن نوفل بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب. أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم وشهد فتح دمشق، وولي فتوح الجزيرة. روى سيف بن عمر، عن أبي عثمان، عن خالد وعبادة قالا: قدم على أبي عبيدة كتاب عمر- يعني بعد فتح دمشق- بأن اصرف جند العراق إلى العراق. وروى سيف عن محمد، وطلحة، والملهب، وعمر، وسعيد قالوا: لما رجع هاشم بن عتبة عن جلولاء إلى المدائن، وقد اجتمعت جموع أهل الجزيرة، فأمدوا هرقل على أهل حمص، كتب بذلك سعد إلى عمر، فكتب إليه عمر: أن أبعث إليهم عمر بن مالك بن عقبة بن نوفل بن عبد مناف في جند، فخرج عمر في جنده حتى نزل على من ب"هيت" فحصرهم، حتى أعطوا الجزاء فتركهم، ولحق عمر بأرض "قرقيسيا" فصالحه أهلها على الجزاء. ذكر هذا الحافظ أبو القاسم الدمشقي في تاريخ دمشق. عمر بن مالك الأنصاري. كان ينزل مصر، ذكره الطبراني وغيره. أنبأنا أبو موسى كتابة، أنبأنا أبو زيد غانم بن علي، وعبد الكريم بن علي، وأبو بكر محمد بن أحمد الصغير، وأبو بكر محمد بن أبي القاسم القرافي، وأبو غالب أحمد بن العباس قالوا: أنبأنا أبو بكر بن ريذة- قال أبو موسى: وأنبأنا أبو علي، أنبأنا أبو نعيم- قالا: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا بكر بن سهل، حدثنا شعيب بن يحيى، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن لهيعة بن عقبة: أنه سمع عمر بن مالك الأنصاري يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "آمركم بثلاث وأنهاكم عن ثلاث: آمركم أن لا تشركوا بالله شيئاً، وأن تعتصموا بالطاعة جميعاً حتى يأتيكم أمر الله عز وجل وأنتم على ذلك، وأن تناصحوا ولاة الأمر من الدين بأمر الله عز وجل، وأنهاكم عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال". أخرجه أبو نعيم وأبو موسى. وروى عمر بن محمد بن الحسن الأسدي، عن أبيه، عن نصر، عن علي بن زيد، عن زرارة بن أوفى، عن عمر بن مالك- قال: وكانت له صحبة- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من بنى لله مسجداً بنى الله تعالى له بيتاً في الجنة". ورواه سفيان، عن علي بن زيد فقال: "عمرو بن مالك- أو مالك بن عمرو". ورواه هشيم عن علي فقال: "عمرو بن مالك". عمر بن معاوية الغاضري- غاضرة قيس- مختلف في حديثه. روى عنه ابن عائذ أنه قال: كنت ملزقاً ركبتي بركبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل فقال: يا نبي الله، كيف ترى في رجل ليس له مال يتصدق به، ولا قوة فيجاهد في سبيل الله بها، ويرى الناس يصلون ويجاهدون ويتصدقون، ولا يستطيع شيئاً من ذلك? قال: "يقول الخير ويدع الشر، يدخله الله الجنة معهم". أخرجه ابن منده. عمر بن يزيد الخزاعي الكعبي. جالس النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ عنه أنه قال: "أسلم سالمها الله من كل آفة إلا الموت، فإنه لا سلم منه، وغفار غفر الله لهم، ولا حي أفضل من الأنصار". أخرجه الثلاثة. عمر اليماني. قاله ابن قانع، وروى بإسناده له عن شهر بن حوشب، عن عمر قال: كنت رجلاً من أهل اليمن حليفاً لقريش، فأرسلني أبو سفيان طليعة على النبي صلى الله عليه وسلم، فأعجبني الإسلام، فأسلمت. استدركه أبو علي الغساني على أبي عمر. عمرو- بفتح العين، وسكون الميم، وآخره واو- هو عمرو بن أبي أثاثة بن عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب. كان من مهاجرة الحبشة، وأمه النابغة بنت حرملة، فهو أخو عمرو بن العاص لأمه، وقد تقدم ذكره في "عروة بن أثاثة مستوفى". أخرجه أبو عمر. عمرو بن الأحوص بن جعفر بن كلاب الجشمي الكلاني. قاله أبو عمر، وأما ابن منده وأبو نعيم فلم ينسباه، إنما قالا عمرو بن الأحوص الجشمي، حديثه عند ابنه سليمان. أنبأنا إسماعيل وإبراهيم وغيرهما بإسنادهم عن محمد بن عيسى: حدثنا هناد، حدثنا أبو الأحوص، عن شبيب بن غرقدة، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: "أي يوم أحرم? ثلاث مرات"، قالوا: يوم الحج الأكبر. قال: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا لا يجني جان إلا على نفسه، الا لا يجني والد على ولده ولا مولود على والده، ألا إن الشيطان قد أيس أن يعبد في بلادكم، ولكن ستكون له طاعة فيما تحقرون من أعمالكم، فيرضى به". أخرجه الثلاثة. قلت: قول أبي عمر "إنه جشمي كلابي" لا أعرفه، فإنه ليس في نسبه إلى كلاب جشم ولا فيما بعد كلاب أيضاً، وإنما "الأحوص بن جعفر بن كلاب" نسب معروف، والله أعلم، ولعله له حلف في جشم فنسبه إليه.
|